شهدت منصة الخبراء "Baku Network" حلقة جديدة من البرنامج التحليلي "حوار مع توفيق عباسوف"، وكان ضيفها الفنان الشعبي لأذربيجان وأحد أبرز رواد فن السجاد، آيدين رجبوف.
تحوّل الحوار مع رجبوف إلى ما يشبه درسًا روحيًا وفكريًا في فلسفة السجاد وتاريخه، حيث اعتبره ليس مجرد قطعة أثاث أو زينة جدران، بل شهادة حيّة على الذاكرة الثقافية للشعب.
السجاد… لغة الروح
أوضح الفنان أن السجاد بالنسبة له ليس مجرد ممارسة فنية، بل عالم متكامل من الرموز والفلسفة. وقال: "كنت أظن في البداية أن السجاد يُفرش أو يُعلّق، لكنه في الحقيقة لغة يتحدث بها المبدع. لا يجوز اختزاله في مجرد استعمال يومي".
وأكد أن كل سجادة تحمل "رمزًا سريًا"، رسالة يتركها الفنان، يمكن دراستها لعقود طويلة، ولا تكشف أسرارها إلا عبر علم عميق بفنون الزخرفة والرموز.
البصمة الأذربيجانية في الفن المفاهيمي
وأشار رجبوف إلى أن السجاد الأذربيجاني يحتوي على مخزون هائل من الفن المفاهيمي الخالص، قائلاً: "يكفي أن تتأملوا الرموز والزخارف وطريقة التشكيل… إنه المفاهيمية بعينها. لكن المشكلة أننا لا نعرف أسماء الكثير من المبدعين، رغم أن كل سجادة تحمل توقيعهم الخفي".
ورأى أن السجاد ليس أقل شأنًا من الرسم أو الغرافيك، بل هو فن أكثر شموخًا ورسوخًا، لأنه يشكّل "جواز سفر" لأذربيجان أمام العالم.
رفض لسرقة الهوية
وتوقف الفنان مطولًا عند مسألة "الاستحواذ الثقافي"، مؤكدًا أن السجاد الأذربيجاني غالبًا ما يُنشر في مجلات غربية تحت اسم "سجاد قوقازي" دون الإشارة إلى أصله الأذربيجاني. وقال: "الألوان والرموز والزخارف خاصة بنا، متجذرة في ثقافتنا وحدها، ولا يجوز نسبتها إلى غيرنا".
رموز وأساطير متجذرة في الوجدان
تحدث رجبوف بإسهاب عن ثراء الرموز في السجاد الأذربيجاني، مشيرًا إلى أن صورة التنين، التي تظهر في أكثر من ستين صيغة مختلفة، لا تعني الشر دائمًا كما يُظن، بل قد تجسد حامي المياه أو البطل الخير. وأضاف: "إنها فلسفة كاملة ممتدة في عمق الإبداع الشعبي".
وفاء للمعلم الأول
استذكر الفنان أستاذه العظيم لطيف كريموف، قائلًا: "أنا آخر وأكبر طلابه. لقد علّمني ليس فقط الصنعة، بل حب هذه المهنة بروح صادقة".
رحلة نصف قرن مع السجاد
بدأت مسيرة رجبوف الفنية بسجادة كانت مشروع تخرجه، وسرعان ما وجدت أعماله طريقها إلى معارض سوفييتية ودولية، بينها الجزائر، ثم اقتنى أحد أعماله صندوق وزارة الثقافة الأذربيجانية.
واليوم، بعد أكثر من نصف قرن من العطاء، يصف الفنان رحلته بأنها انتقال من الزخرفة البسيطة إلى السجاد القصصي المستوحى من فن المنمنمات الأذربيجانية ولعبة "تشوغان" والرموز التاريخية. ويختم بالقول: "السجاد حياتي وإلهامي. كلما تعمقت فيه أكثر، اكتشفت تاريخًا وثقافة أوسع لشعبي".