...

مرحلة جديدة من ما بعد الحرب
يدخل جنوب القوقاز اليوم مرحلة من الهدوء النسبي وإعادة البناء بعد عقود من الاضطراب والاحتلال، خصوصاً في إقليم قره باغ. غير أن مستقبل السلام في المنطقة ما زال غامضاً، والسبب الرئيس يكمن في تردّد أرمينيا في التوقيع النهائي على اتفاق سلام شامل مع أذربيجان.

هذا المحور كان موضوع الحلقة الأخيرة من برنامج النظام العالمي الواقعي الذي يقدمه مركز Baku Network، حيث استضاف الإعلامي إلنور أنفروغلو البروفيسور الأمريكي بيتر م. تايس، المتخصص في العلاقات الدولية وشؤون جنوب القوقاز.

نجاحات أذربيجان الدبلوماسية
في كلمته الافتتاحية، أشاد البروفيسور تايس بالنجاحات الدبلوماسية التي حققتها باكو بعد الحرب. وقال: "الرئيس إلهام علييف أظهر قيادة استثنائية ورؤية دبلوماسية واضحة. بفضل سياسته استعادت جمهورية أذربيجان كامل سيادتها على أراضيها المعترف بها دولياً، وارتقى الإقليم إلى مستوى جديد من السلام والاستقرار".

أزمة الدولة في أرمينيا
تايس لم يوفر حكومة نيكول باشينيان من النقد، واصفاً إياها بـ"الفاسدة وغير الكفؤة". كما اتهم الكنيسة الرسولية الأرمنية بلعب دور مخرّب في جهود السلام عبر مواقفها المتشددة ورواياتها التي تغذي الانقسام. وأضاف أن المؤسسات الديمقراطية في أرمينيا "تعرّضت لضعف شديد"، بينما ينفق رئيس الوزراء مبالغ طائلة على حملات ضغط في أوروبا لتحسين صورته.

وذهب الضيف أبعد من ذلك، متهماً السلطات الأرمينية بالتورط في تجارة غير مشروعة للأسلحة والمخدرات – اتهامات لم تؤكدها مصادر رسمية لكنها تحمل صدى واسعاً على الساحة الدولية.

التبعية لروسيا.. عقبة أمام السلام
أبدى البروفيسور قلقاً بالغاً من اعتماد يريفان الاستراتيجي على موسكو. وقال إن "روسيا متجذرة بعمق في البنى السياسية والدينية لأرمينيا"، معتبراً أن ذلك يعرقل أي عملية لبناء السلام. واصفاً الدور الروسي في المنطقة بـ"المزعزع للاستقرار"، خاصة بعد غزو أوكرانيا.

المعارضة الأرمينية: فرصة ضائعة
تايس اعتبر أن المعارضة الأرمينية يمكن أن تكون عاملاً حاسماً لو مارست دوراً أكثر مسؤولية، داعياً الأحزاب المعارضة إلى "المطالبة بسلام صريح مع أذربيجان" باعتباره الطريق نحو الأمن القومي والنمو الاقتصادي.

انتقاد للمؤسسات الدولية
أما عن المنظمات الدولية، فقد شنّ تايس هجوماً عنيفاً على مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، واصفاً إياها بـ"الكيان البالي وغير الفعّال" الذي ساهم في نشر التضليل حول واقع الصراع. وأضاف أن زيارات بعض القادة الأجانب في إطارها كرّست تصورات مغلوطة عن الحقائق على الأرض.

كما حمّل تايس الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مسؤولية "التغاضي عن أزمات أرمينيا الداخلية وتداعياتها على استقرار المنطقة". ودعا بروكسل إلى ممارسة ضغط أكبر على يريفان، كي تصبح أكثر شفافية وبنّاءة.

الخيار أمام يريفان
خلاصة النقاش كانت واضحة: أمام أرمينيا خياران – إما توقيع اتفاق سلام يفتح آفاق التنمية ويضمن الأمن، أو البقاء رهينة التبعية والشلل السياسي.