مع انتصاف ليل الثامن والعشرين من سبتمبر 2025 تغيّرت قواعد اللعبة. آلية "سناب باك" التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن أُعيد تفعيلها، لتعود العقوبات الأممية بكل ثقلها ضد إيران. لم يعد الأمر مقتصراً على العقوبات الأميركية والأوروبية، بل باتت هناك حزمة ملزمة قانونياً على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة: من حظر السلاح، إلى القيود على البرامج النووية والصاروخية، مروراً بتجميد الأصول وحظر السفر. الخطوة جاءت بعد تحرّك بريطاني ـ فرنسي ـ ألماني (مجموعة E3) استند إلى "إخلال إيران الجوهري" بالاتفاق النووي، ورفضها السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول كامل. محاولة روسيا والصين لتأجيل القرار ستة أشهر سقطت في التصويت يوم 26 سبتمبر، لتدخل العقوبات حيّز التنفيذ في 28 من الشهر ذاته.
كيف وصلنا إلى "السناب باك"؟
المسار طويل لكنه واضح الدلالات. في 2015 اعتمد مجلس الأمن الاتفاق النووي (JCPOA) وأدخل فيه آلية "العودة التلقائية". في 2018 انسحبت الولايات المتحدة منفردة وأعادت عقوباتها. في 2020 حاولت واشنطن إعادة فرض العقوبات عبر المجلس، لكن الأغلبية الساحقة رفضت باعتبار أن المنسحب من الاتفاق لا يملك حق تفعيل آلياته. في 2023 انتهت القيود الخاصة بالصواريخ والطائرات المسيّرة، لكن أوروبا أبقتها على طريقتها. بين 2024 و2025 سجّلت الوكالة الدولية ارتفاعاً في مخزون اليورانيوم المخصّب بنسبة 60% وتراجعاً في الشفافية. ثم جاءت ضربات أميركية وإسرائيلية ضد مواقع نووية إيرانية في يونيو 2025، لتُغلَق الأبواب أكثر أمام المفتشين. في نيويورك، عرضت مجموعة E3 على طهران تأجيل "السناب باك" ستة أشهر مقابل عودة المفتشين وبداية مفاوضات جديدة مع واشنطن. لكن إيران رفضت، فسقط مشروع التأجيل، وانطلقت ساعة الصفر.
الملف النووي: أرقام مقلقة
تقرير سري للوكالة الدولية كشف أن مخزون إيران حتى 13 يونيو بلغ 440.9 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب حتى 60%، بزيادة 32.3 كيلوغراماً خلال شهر واحد. هذه الكميات تقرّب طهران من مستوى التخصيب العسكري، في وقت حُجبت فيه بيانات المواقع النووية عن المفتشين لأسابيع. الصورة، كما رآها المجتمع الدولي، لم تترك مجالاً للتسويات.
ما الذي عاد بالتحديد؟
القرارات الأممية القديمة أُعيد تفعيلها بحذافيرها:
- حظر كامل لأي أنشطة تخصيب أو إعادة معالجة اليورانيوم، أو أبحاث على أجهزة الطرد المركزي والمشاريع المرتبطة بالماء الثقيل.
- حظر شامل على تزويد إيران بأنظمة السلاح الثقيلة أو خدماتها، وقيود صارمة على الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
- تجميد أصول وحظر سفر بحق عشرات الشخصيات والكيانات المرتبطة بالبرنامجين النووي والصاروخي، مع إعادة تفعيل لجنة العقوبات 1737 وفريق الخبراء.
- منع إيران من الاستثمار في شركات أجنبية عاملة في مجالات استخراج اليورانيوم أو إنتاج المواد والتقنيات النووية.
مع ذلك، تبقى هناك استثناءات إنسانية بموجب قرار مجلس الأمن 2664 (2022)، الذي يحمي التجارة بالمواد الغذائية والدواء والمساعدات الإنسانية من أي قيود ثانوية.
المواقف وردود الفعل
إيران ردت بسحب سفرائها من لندن وباريس وبرلين، ووصفت الخطوة بأنها "باطلة قانونياً"، لكنها شددت على أن الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي غير مطروح. الرئيس مسعود بزشكيان حاول أن يبعث برسالة مزدوجة: التنديد بالقرار من جهة، وطمأنة العالم بأن طهران لا تفكر بخطوات انتحارية من جهة أخرى. واشنطن والعواصم الأوروبية أكدت أن الدبلوماسية ما زالت على الطاولة، لكنها ربطت أي تأجيل أو تفاوض بعودة إيران للتعاون مع الوكالة الدولية. روسيا والصين وصفتا الإجراء بأنه غير قانوني، وحذرتا الأمين العام للأمم المتحدة من الاعتراف به. لكن النتيجة النهائية واضحة: الآلية المنصوص عليها في القرار 2231 فعلت فعلها، وأعادت المشهد إلى نقطة الصفر، فيما المعركة الكبرى باتت معركة التنفيذ.
لنفط.. العصب الرئيسي
الوريد الحساس يبقى النفط. خلال عامي 2024 و2025 حافظت إيران على مستوى الصادرات بين 1.5 و1.7 مليون برميل يومياً، مع استحواذ الصين على أكثر من 90% من التدفقات، غالباً عبر "الأسطول الموازي" الذي يغيّر هوياته في عرض البحر ويتنقّل عبر محطات إعادة الشحن قرب السواحل الماليزية. ووفق تقديرات شركة Vortexa بلغ متوسط واردات الصين في الفترة من يناير إلى أغسطس 2025 نحو 1.43 مليون برميل يومياً. لكن مع اقتراب تفعيل "السناب باك" شددت بكين إجراءاتها في الموانئ. الأسطول الموازي المشترك بين إيران وروسيا وفنزويلا يقدّر بـ1200–1600 ناقلة، أي ما يقارب خُمس الأسطول العالمي.
الاستنتاج واضح: عودة العقوبات الأممية لن توقف تدفق النفط دفعة واحدة، فالسلسلة اعتادت على التحايل منذ سنوات. لكن الخطر ارتفع إلى مستوى عالمي، إذ إن التأمين والتصنيف البحري والدخول إلى الموانئ والتحقق من منشأ الشحنات باتت جميعها التزامات قانونية على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وليس مجرد تهديد بعقوبات أميركية أو أوروبية ثانوية. هذا ما بدأ يظهر فعلاً في تشديد الموانئ الصينية وارتفاع كلفة الشحن.
العملة والتضخم والنمو
الريال الإيراني واصل الانهيار مع دخول خريف 2025، ليبلغ في السوق السوداء مستويات قياسية: نحو 1.04 مليون ريال مقابل الدولار في مارس ثم أدنى لاحقاً. التضخم بقي أعلى من 40% على أساس سنوي. صندوق النقد الدولي توقع نمواً شبه معدوم لعام 2025 (ما بين 0.3 و0.6%)، مع احتمال مزيد من الانكماش في حال تصاعد القيود وزيادة الكلفة اللوجستية. عودة العقوبات الأممية ستضاعف الضغط على المدفوعات وسلاسل النقل وسعر الصرف.
التنفيذ والملاحقة
واشنطن سبقت الجميع: في يوليو نفّذت أكبر حزمة عقوبات "مركّزة" منذ 2018 ضد شبكات مرتبطة بتمويل وتجارة النفط الإيراني، وأصدرت إرشادات جديدة للقطاع البحري حول أساليب التهرب وتبييض العائدات. ومع عودة العقوبات الأممية، أي دولة أو ميناء أو شركة باتت معرّضة ليس فقط لعقوبات ثانوية أميركية وأوروبية، بل لانتهاك التزامات دولية ملزمة.
البرنامج النووي بعد حرب يونيو وقرار سبتمبر
الضربات الإسرائيلية والأميركية في يونيو ضد فوردو ونطنز ومواقع أخرى كبّدت المنشآت النووية الإيرانية أضراراً "جسيمة جداً" وفق صور الأقمار الاصطناعية وتقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن التقييم الاستخباراتي يعترف بأن "القدرة النووية لم تُدمّر بل تراجعت لأشهر فقط". الغموض يحيط بمصير اليورانيوم العالي التخصيب المخزّن وحالة إعادة الإعمار، فيما ضيّقت طهران بعد الضربات وصول المفتشين. لهذا أصرت الوكالة الدولية والدول الأوروبية الثلاث على فتح الأبواب أمام المفتشين كشرط لتأجيل "السناب باك".
بحسب بيانات الوكالة حتى 13 يونيو، بلغ مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60% نحو 440.9 كيلوغراماً، وهي كمية تكفي عند رفعها لمستوى عسكري لإنتاج عدة قنابل محتملة. بعد الحرب، نافذة التحقق أُغلقت تقريباً، وهنا برز منطق أوروبا: لا دخول ولا تعاون، إذاً لا مفر من إعادة العقوبات.
ما الذي تفرضه قرارات الأمم المتحدة الآن؟
قائمة الحظر تحوّلت إلى كتيّب التزام لأي شركة أو مصرف:
- ممنوع بيع أو نقل أو تسهيل وصول الأسلحة الثقيلة ومكوناتها وخدماتها لإيران.
- ممنوع المشاركة بأي شكل في التخصيب أو إعادة المعالجة أو أبحاث أجهزة الطرد المركزي أو مشاريع الماء الثقيل.
- ممنوع تزويد إيران بأي تقنيات أو معدات تتعلق بالصواريخ الباليستية.
- ممنوع تمويل أو تأمين أو نقل أي شحنات أو صفقات تدخل في نطاق القرارات الأممية.
- الاستثناءات الإنسانية قائمة لكنها تتطلب توثيقاً وإحالة إلى لجنة العقوبات 1737 عند الحاجة.
الولايات المتحدة وأوروبا لم تكتفيا بذلك، بل أبقتا على حزم العقوبات الوطنية ووسعتاها، ما يجعل الوضع الحالي "قفلين متوازيين": أممي شامل ووطني/إقليمي مشدد.
النفط والأسعار: إلى أين؟
التدفق الفعلي إلى الصين سيستمر على الأرجح، فبكين قضت عقداً كاملاً في بناء آليات عازلة، كما أن الخصومات الكبيرة تجعل النفط الإيراني مغرياً جداً للمصافي المستقلة. لكن الكلفة ترتفع: الموانئ تدقق أكثر، شركات التأمين ترفع أقساطها، وناقلات قديمة ستخرج من الخدمة. النتيجة: إيرادات أقل لطهران رغم بقاء الكميات شبه ثابتة. الانخفاض الكبير في الصادرات مرهون فقط بتنسيق صارم داخل الموانئ الآسيوية الكبرى، وهذا يتطلب قراراً سياسياً صينياً لم يظهر بعد. أما السوق العالمي فيترجم المشهد بارتفاع أجور الشحن وإعادة توجيه السفن إلى مسارات أطول.
الآلية القانونية للسناب باك: لماذا لم يكن ممكناً إيقافها؟
الآلية التي وُضعت في قرار مجلس الأمن 2231 عام 2015 صُممت منذ البداية كـ"صمام أمان". إذا ثبّتت إحدى الدول الموقعة إخلال إيران الجوهري بالاتفاق، يبدأ عدّ تنازلي لثلاثين يوماً. لوقف عودة العقوبات يجب أن يصوّت المجلس على قرار معاكس، وهذا القرار لا يجوز أن يُعرقل بالفيتو. إذا لم يُتفق خلال المدة، تعود العقوبات تلقائياً. هذا ما حدث في خريف 2025: أوروبا أطلقت العدّاد، المشروع الروسي–الصيني لتأجيل ستة أشهر سقط، وفي ليلة 28 سبتمبر عاد النظام العقابي كاملاً.
الخلاصة: "السناب باك" مبني على مبدأ "الموافقة الصامتة". غياب التوافق داخل مجلس الأمن يعني عودة القواعد القديمة إلى حيّز التنفيذ بلا استثناء.
ما الذي "اشتغل" فعلياً: سجل القواعد والاستثناءات
القرارات السابقة لمجلس الأمن من 1737 حتى 1929 عادت لتفرض نفسها. الحظر كامل على تخصيب ومعالجة اليورانيوم، وعلى الأبحاث الخاصة بأجهزة الطرد المركزي ومشاريع الماء الثقيل. عاد الحظر على توريد الأسلحة الثقيلة والتقنيات المرتبطة بها، والقيود على الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
القيود على التأشيرات وتجميد أصول عشرات المسؤولين والعلماء والشركات دخلت حيز التنفيذ مجدداً. كما عاد للعمل "اللجنة 1737" وفريق الخبراء المكلّف برصد محاولات الالتفاف على العقوبات. لكن هناك عنصر جديد: قرار مجلس الأمن 2664 الصادر في 2022 نص على "استثناء إنساني شامل"، يضمن استمرار عمليات الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية بعيداً عن شلل العقوبات.
لماذا جاء "السناب باك" الآن؟
السبب الجوهري هو وضع البرنامج النووي الإيراني. تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في يونيو 2025 أكدت أن طهران راكمت أكثر من 440 كلغ من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%. كمية كهذه إذا رُفعت لمستوى عسكري تتيح إنتاج عدة رؤوس نووية. بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية على نطنز وفوردو تقلّصت صلاحيات المفتشين بشكل حاد. أماكن وكميات جزء كبير من هذا المخزون بقيت مجهولة. بالنسبة لأوروبا، هذه "ثغرة سوداء" في آلية التحقق، جعلت أي تأجيل مستحيلاً.
البنوك والتسويات: أين تكمن المخاطر الآن؟
القطاع المالي بات أمام مستوى جديد من الالتزامات:
- أي تمويل أو تأمين أو فَكتَرة صفقات مرتبطة بالمواد المحظورة يُعد خرقاً مباشراً لقرارات مجلس الأمن.
- "المصارف الموازية" التي كانت تعالج عائدات النفط باتت تحت رقابة مشددة، من مكاتب الصرافة في الدول المجاورة حتى الشركات الوهمية التي تخفي المدفوعات.
- في النقل البحري، البنوك ملزمة بفحص مسارات السفن والفواتير ووثائق الشحن وأي "تشوهات" في أنظمة الملاحة. ما كان سابقاً مجرد توصية من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي (OFAC)، أصبح اليوم الحد الأدنى من الامتثال الأممي.
اللوجستيات البحرية والتأمين: الضربة الأقسى
الأكثر عرضة للخطر: شركات التأمين والجمعيات التصنيفية وسلطات الموانئ.
- التأمين البحري (P&I) للرحلات "الرمادية" أصبح أكثر كلفة وتعقيداً، مع مخاطرة مزدوجة: عقوبات ثانوية وانتهاك قواعد ملزمة للأمم المتحدة.
- الموانئ الصينية، خصوصاً في مقاطعة شاندونغ، شددت الفلاتر على دخول الناقلات "المظللة" القديمة أو المزورة الوثائق، وهو ما ضرب الشبكات غير الشرعية.
- "الأسطول الموازي" لإيران وحلفائها يتجاوز الألف ناقلة، أي حصة معتبرة من الأسطول العالمي. أي قيود على استخدامه تعني فوراً ارتفاع كلفة الشحن وتراجع وفرة السفن.
النفط: تدفقات مستمرة لكن بكلفة أعلى
الإمدادات الفعلية إلى الصين ستستمر على الأرجح، فالمصافي المستقلة هناك لا يمكنها التفريط في النفط الإيراني الرخيص الذي يمنحها ميزة سعرية واضحة. لكن صافي العائد لإيران يتراجع: التأمين والشحن وفترات التوقف و"العمولات الصامتة" تلتهم المزيد من الإيرادات.
أما السوق العالمي فيتفاعل على طريقتين: الكميات الإيرانية (1.5–1.7 مليون برميل يومياً) ما زالت موجودة، لكنها تُباع بخصومات أكبر وتحت قيود لوجستية متصاعدة. بالنسبة لطهران، الخصم لم يعد مجرد حافز تجاري، بل أصبح أقرب إلى ضريبة إلزامية مقابل السماح بالوصول إلى السوق.
الصورة الداخلية: الاقتصاد والسياسة
الاقتصاد الإيراني غارق في حالة "ركود تضخمي" طويلة الأمد. الريال في السوق السوداء تجاوز المليون مقابل الدولار، والتضخم بقي فوق 40% سنوياً. التوقعات لعام 2025 تراوحت حول الصفر، بين نمو ضعيف 0.3% وانكماش محتمل.
النخبة منقسمة والشوارع متوترة
المشهد السياسي يشهد انقساماً داخل النخبة: تيار يدعو إلى تشدد واستقلالية كاملة عن الغرب، وآخر يطالب بمساحة تنفّس تكتيكية لتخفيف الضغط. في الشارع، الغضب يتزايد مع ارتفاع الأسعار وتآكل المداخيل وتراجع الآمال. رغم ذلك، القيادة الإيرانية تؤكد أنها لا تنوي الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار، مشددة أن "ورقة اليورانيوم" وسيلة للمساومة لا للحرب.
الدبلوماسية لم تُغلق بعد
رغم صرامة "السناب باك"، العواصم الغربية أبقت نافذة مفتوحة: إذا سمحت طهران بعودة المفتشين وجمّدت التخصيب العالي، يمكن البحث في رفع جزئي للعقوبات. هكذا صُممت الآلية: العقوبات تعود تلقائياً، لكنها أيضاً قابلة للإلغاء تلقائياً بقرار جديد من مجلس الأمن.
من يراقب التنفيذ؟
- لجنة 1737 وفريق الخبراء: مهمتهم رصد ومتابعة وإصدار تقارير عن محاولات الالتفاف.
- الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا: يوائمون حزمهم الوطنية مع قرارات الأمم المتحدة ويحدّثون اللوائح السوداء باستمرار.
- الصين: الحكم العملي الأهم، إذ تعتمد قوة العقوبات على سياسات موانئها وشركات التأمين لديها.
التأثيرات "غير المرئية"
العقوبات تعيد صياغة البنية التحتية المالية العالمية. البنوك باتت تدرج "بنود العقوبات" في عقود القروض، وشركات التأمين عدّلت شروط التغطية. حتى في تقارير الشركات غير المالية صار التعامل مع إيران يُذكر كخطر مستقل. تجاهل هذه البيئة صار أثقل كلفة من الالتزام بها.
السيناريوهات للعام المقبل
- تهدئة تكتيكية: إيران تسمح للمفتشين وتجمّد التخصيب وتحصل على فترة تنفّس جزئية. الاحتمال متوسط.
- حرب لوجستية طويلة: الصادرات تستمر لكن الخصومات تتسع، الإيرادات تهبط، الاقتصاد يتعثر والتضخم يبقى مرتفعاً. الاحتمال مرتفع.
- صفقة كبرى: إيران توافق على تحقق عميق، ومجلس الأمن يرفع جزءاً من العقوبات. الاحتمال ضعيف لكنه ليس صفراً.
الخلاصة
"السناب باك" ليس عودة إلى مشهد العقد الماضي، بل مرحلة جديدة تلتقي فيها القوانين مع اللوجستيات. هو ضغط متدرج، لا ضربة قاصمة: يضغط على البنوك، على السفن، على الموانئ، على المشترين، وفي النهاية على الداخل الإيراني. لدى طهران أدوات للالتفاف، لكن منظومة العقوبات العالمية أصبحت أكثر تعقيداً وذكاء. نافذة الدبلوماسية لا تزال مفتوحة، لكن ثمن تجاهلها يرتفع مع كل شهر جديد.