...

حلقة خاصة على منصة Baku Network
في بث جديد من البرنامج التحليلي "حوار مع توفيق عباسوف"، كان ضيف الاستوديو الفنان الأذربيجاني البارز، فنان الشعب في أذربيجان، سيروس ميرزازاده. الحوار جاء صريحاً، مؤثراً وعاطفياً، تناول مصير الفن، وأيضاً الجراح التي انعكست على لوحات الفنان بعد المآسي التي شهدتها بلاده.

الفن مرآة الروح والزمان
ميرزازاده تحدث عن كيف تغيّرت ملامح لوحاته تبعاً للزمن وحالته الداخلية. وقال: "كنت أعشق الألوان المضيئة المشرقة، لكن في تسعينيات القرن الماضي، مهما حاولت، كانت اللوحات تخرج داكنة، سوداء. سنوات كتبت فيها بالأسود فقط. الجو العام، المزاج، كل شيء كان أسود".

المرأة محور الإبداع
الفنان شدد على أن موضوعه الأساسي في الفن يبقى المرأة: رمز الجمال والحياة والدفء. وأوضح: "كنت دائماً أقول: الفنان يجب أن يمجد الجمال. وأجمل ما خلقه الله هو المرأة: الأم، الأخت، الابنة... كل شيء يبدأ منها".

اللوحة كابنٍ يولد ويرحل
ميرزازاده تحدث بحرارة عن علاقته بلوحاته: "كل لوحة مثل طفل. حين تُباع أو أقدمها هدية، أشعر أن جزءاً مني يُنتزع. يمر الوقت ويزول الشعور، لكن اللحظة الأولى مؤلمة".

إيقاع العمل اليومي
الفنان يعمل بلا توقف: صباحاً يدرّس في أكاديمية الفنون، وبعد الظهر ينغمس في مرسمه. يقول: "أنا أستاذ جامعي، لكن روحي في الرسم. أحياناً أنجز لوحة في ساعتين، لكن قبلها هناك عشرات الرسومات، أوراق ممزقة، تجارب فاشلة. هذا عمل شاق، ليس إلهاماً يسقط من السماء". حالياً يملك في مرسمه أكثر من مئتي عمل غرافيكي وعدداً مماثلاً من اللوحات، ويعمل غالباً بألوان الأكريليك: "الأكريليك أملس. الزيت متنوع، لكنني لا ألعب بالألوان. يقولون لي: أنت تلوّن. نعم، أنا ألوّن".

حادثة كشفت الوجوه الحقيقية
من أكثر لحظات اللقاء درامية، ذكرى من فترة دراسته في موسكو. يروي أن زميلاً أرمنياً، زورك ميرزويان، سأله: "تخيل حرباً. أنتم دخلتم قريتنا وأنا هناك. ماذا تفعل لو واجهتني؟" فأجاب ميرزازاده أنه لن يؤذيه. لكن الرد الصادم جاء سريعاً: "أنا كنت سأقتلك مع عائلتك". الفنان قال إنه قاطع زميله عامين ونصف بعد تلك الحادثة، مؤكداً: "هذه حقيقتهم. لا ينسون ولا يغفرون. حتى لو عانقوا، فهي عناق كاذب. إنهم خطرون".

الفن والسياسة وجهاً لوجه
ميرزازاده أشار إلى مشاركاته في معارض دولية، بينها فرنسا، حيث واجه اعتراضات من ممثلي الجالية الأرمنية: "كانوا ينظرون إلى لوحاتي ويقولون: أنتم خارج السياسة. لكن أحدهم، صاحب متجر، قال لي: سنجعل حياتك جحيماً. كانت تهديداً مباشراً. كانوا يعرفون أنني أمثل المدرسة الأذربيجانية".

السرقة حتى في الفن
كما روى الفنان عن حضوره اللقاء الوحيد لفناني رابطة الدول المستقلة عام 2012، حيث جلس بجوار فنان أرمني أخذ يغني أغنية أذربيجانية. فسأله: لماذا؟ فأجابه: "لأنه لا توجد لدينا أغانٍ خاصة بنا". ويعلّق ميرزازاده: "هكذا يسرقون وهم في الوقت ذاته يكرهون".

حلم السلام عبر الفن
رغم المرارة والجراح، يؤمن سيروس ميرزازاده أن الفن يمكن أن يكون جسراً للسلام. ويختم قائلاً: "أحلم أن أرسم لوحة مضيئة بعنوان ’السلام في القوقاز‘. الأمر ليس سهلاً، لكننا جميعاً بحاجة إلى السلام. الآن جاء دور القوة الناعمة: الفن، الإنسانية، الاحترام المتبادل. الفن قادر أن يمد الجسور... إذا كان الطرف الآخر يريد السلام فعلاً".